التوتر التجاري بين أمريكا والهند يضغط على الاقتصاد الهندي

أثارت الخطوة الشاملة التي اتخذها الرئيس الأمريكي ترامب بفرض رسوم جمركية متبادلة على جميع شركائه التجاريين، حيث تواجه الهند رسومًا جمركية بنسبة 27% على صادراتها، ردود فعل متباينة من خبراء استراتيجيات السوق، الذين يرون عزلة اقتصادية ومخاطر ناشئة على اقتصاد جنوب آسيا.
وأشار بنك أوف أمريكا إلى أن الهند تبدو في وضع جيد نسبيًا في ظل تصاعد الرسوم الجمركية. إذ لا تساهم الهند إلا بـ 47 مليار دولار، أي ما يعادل 4% من العجز التجاري الأمريكي، بينما لا تمثل صادراتها إلى الولايات المتحدة سوى 2% من الناتج المحلي الإجمالي.
وهذا يجعل الهند تنافسية مقارنةً بنظرائها في الأسواق الناشئة التي تواجه رسومًا جمركية تصل إلى 46% على الصادرات إلى واشنطن.
بلغ إجمالي صادرات السلع الهندية إلى الولايات المتحدة في عام 2024 ما قيمته 80.7 مليار دولار، مع إعفاءات جمركية تغطي 279 سلعة بقيمة تتراوح بين 5 و8 مليارات دولار أمريكي.
ومع ذلك، فإن التأثير المباشر، المُقدّر في أسوأ السيناريوهات بحوالي 20 مليار دولار أمريكي، أو أقل من 50 نقطة أساس من الناتج المحلي الإجمالي للهند، قد لا يكون سوى جزء من القصة.
هناك تأثير متتالي محتمل: انخفاض الرسوم الجمركية على الواردات، مما قد يؤثر سلبًا على التصنيع المحلي و28 مليار دولار من تحصيلات ضرائب الاستيراد، وتأخير قرارات الإنفاق الرأسمالي، وتباطؤ نمو الائتمان، واتساع الفجوة التجارية إذا زادت الهند وارداتها من الولايات المتحدة.
هذه المخاطر، إلى جانب بيئة أوسع من عدم اليقين التجاري العالمي، قد تُثقل كاهل العملات وتُؤدي إلى هروب المستثمرين من الأسهم.
أكدت شركة جيفريز نبرة حذرة، مُشددةً على أنه في حين أن الرسوم الجمركية الرئيسية البالغة 27% على الهند تُعتبر معتدلة مقارنةً بالرسوم الجمركية الأعلى المفروضة على دول مثل فيتنام وتايلاند، إلا أن التوقعات الاقتصادية الأمريكية الأوسع تُمثل تحديات.
وأشارت الشركة إلى أن قطاعات التصدير الرئيسية، ولا سيما تكنولوجيا المعلومات والأدوية والسيارات، من المتوقع أن تشهد تأثيرًا مباشرًا محدودًا.
لم تتأثر صادرات البرمجيات الهندية، التي بلغت قيمتها 103 مليارات دولار أمريكي في السنة المالية 2024، كما أن صناعة الأدوية معفاة مؤقتًا من الرسوم الجمركية.
يتوقع المحللون ارتفاعًا محتملًا في أسهم شركات الأدوية العامة التي تركز على الولايات المتحدة، مشيرين إلى أن شركات مثل لوبين ودكتور ريدي (Dr Reddy’s) وزيدوس هي الأفضل أداءً على المدى القريب.
في قطاع تكنولوجيا المعلومات، ورغم عدم تأثره المباشر بقرار الرسوم الجمركية، إلا أن هناك مخاوف من التداعيات غير المباشرة لتباطؤ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي.
في حين أن نقل العمليات إلى الداخل وتشديد معايير الهجرة قد يضغطان على هوامش الربح، مذكرين بتشديد نظام تأشيرات H1B سابقًا، فإن الشركات الكبرى مثل تيك ماهيندرا وHCLTech، بالإضافة إلى الشركات متوسطة الحجم ذات التعرض الرأسي الملائم، تبدو في وضع أفضل لمواجهة هذه التحديات.
تمتد المخاطر الخاصة بالقطاعات إلى ما هو أبعد من التكنولوجيا والأدوية. في قطاع السيارات، من المرجح أن تتأثر الشركات ذات الاعتماد الكبير على الصادرات الأمريكية، بما في ذلك بعض مصنعي المعدات الأصلية ومُصنّعي مكونات السيارات، سلبًا، وكذلك قطاعا الكيماويات والطاقة الشمسية.
قد تواجه شركات مثل نافين فلورين، وبي آي إندستريز، وشركة واري المتخصصة في الطاقة الشمسية، تحديات كبيرة، حيث ستخضع الأخيرة أيضًا لرسوم جمركية إضافية بنسبة 14.5%.